جلسة الشعبانية أو جلسة يا نفس ما تشتهي في اليمن هي عادة قديمة ومتوارثة يسميها البعض الشعبانية لارتباطها بشهر شعبان ويسميها البعض الآخر يا نفس ما تشتهي وهي الأكثر شيوعا في أرجاء اليمن.
![]() |
جلسة شعبانية |
جلسة الشعبانية وحقيقة الانتماء إلى اليمن
ويختلف الكثير عن أصالة هذه العادة و وعن احتمال قدومها من حضارات أخرى أو من دول مجاورة لكن المعروف أنها لا تخرج إلى التواصل الاجتماعي وتنتشر في كل عام إلا من حسابات يمنية، وبغض النظر عن أصولها، إلا أن هذه العادة تعتبر عادة اجتماعية أساسية في اليمن ولا يستطيع أي أنسان ربطها بالدين إلا أنها وعلى ما يبدو مرتبطة بحلول شهر رمضان الكريم.
وهنا يستوقفنا سؤال مهم هو: ما سبب هذه العادة وكيف ظهرت لتأخذ كل هذا الانتشار في ربوع اليمن السعيد؟
جلسة الشعبانية وسبب انتشارها في ربوع اليمن
الحقيقة أن السبب الحقيقي لتكون وتبلور هذه العادة لازال مبهما إلى يومنا هذا لقدمها ورسوخها في العادات والتقاليد اليمنية. وعلى الرغم من الأصوات النشاز التي تحاول محقها كعادة يمنية بربطها بالتبذير أو البدعة الدينية إلا أنها لا تزال تشق طريقها بقوة بين الأجيال اليمنية بل وتأخذ طابعا حضاريا وتتجدد طقوسها في كل عام.
لكن الهدف الواضح للعيان هو أن هذه العادة الاجتماعية اللطيفة تنتشر بين أوساط النساء أكثر من الرجال، بل تكاد تكون منعدمة بين أوساط الرجال. والكثير يقول أن الهدف الرئيسي منها هو الالتقاء قبل رمضان ذلك لأن النساء تتفرغ للمطابخ نهارا وللقيام ليلا فلا تلتقي إلا ما ندر.
![]() |
يا نفس ما تشتهي |
في هذه الجلسة اللطيفة التي غالبا ما تجمع الأصدقاء, أو زملاء الدراسة, أو زملاء العمل, أو الجيران المتحابين تقوم سيدة البيت الذي ستقام فيه الجلسة بدعوة كل من تحب. فتلبي النساء الدعوة والشرط المتعارف عليه في هذه الجلسة هو أن تحضر كلا منهن طبقا من صنع يدها وأن تطعم الجميع منه في هذه الجلسة.
وتأخذ جلسة يا نفس ما تشتهي طابعا متطورا وحديثا مع مرور الأجيال.
إذ أن اللمة صارت أكثر تنظيما وحضور الأكلات المتنوعة لم يعد مقتصر على العشوائية فيتم الآن الاتفاق مسبقا على كل الأطباق التي ستحضر لهذه الجلسة لتجنب عدم التكرار. بينما يحق للفقيرة أو المعسرة الحضور خالية اليدين تحمل في يدها الشاي أو الماء المعدني أو حتى تحضر مبكرا لتساعد ربة المنزل ولا يشترط على الجميع أن يحضر معه شيء.
وتبدأ ربة المنزل بتزيين المنزل وتجهيز الجلسة, إذ أنها بدت بطابع حديث في الوقت الراهن وصرن النساء يستأجرن جلسات جاهزة يقوم فريق التأجير بالمجيء إلى البيت وتجهيز الجلسة بكامل كراسيها وتحفها الرمضانية والمصابيح والفوانيس.
وهذا ما يضفي على الجلسة طابعا جميلا ويجعل الأجواء تبدو رمضانية بالفعل.
جلسة الشعبانية والأطباق التي قد تجدها على السفرة
![]() |
أطباق السفرة |
طقوس لا تفارق جلسة الشعبانية
من أهم الطقوس واللمسات الفنية الإبداعية التي تقوم بها المرأة اليمنية، هي تشغيل صوت المقرئ اليمني القرآني المشهور محمد حسين عامر وهو المقرئ الكفيف الذي يقرأ القرآن بالسبع القراءات. وعادة ما تصدح المساجد في رمضان بصوته استهلالا لحضور لحظة الغروب لدقائق حتى بات هذا الصوت جزءا لا يتجزأ من الذاكرة اليمنية خاص.
![]() |
محمد حسين عامر |
ومن ثم تقوم بتشغيل بعض الأناشيد وأنواع من الموسيقى ارتبطت ذهنيا برمضان بغض النظر كانت قديمة أو حديثة. والشيء الملفت حديثا أن الفتيات يلبسن ملابسا تحاكي التراث اليمني القديم وهذه لمسة فنية خلابة من الأنامل اليمنية الصغيرة التي برزت على السطح حديثا لتجدد تراث الآباء والأجداد بخير ما فيه من جمال وفن وابداع.
ويلتقطن الصور التذكارية بدون إظهار الوجوه بل التركيز على الأزياء والجلسة ذاتها وهو ما يعكس العفة اليمنية وتشبث الفتاة اليمنية الحديثة بذلك العنصر النادر.
أما الغريب في هذه العادة، أنك نادرا ما تجدها بين العائلات, بل غالبا ما تكون بين الأصدقاء والجيران وهذا ما يجعل الأمر مستبعدا أنها ذات أصول يمينة بالأساس.
وقد تتعرض هذه العادة لهجمة شرسة ممن لا يحبون الجمال ويظنونه أمرا محرما بعدة انتقادات لاذعة تتكرر في كل عام. فمنهم من يسميها بدعة ومنهم من يتهم من يقيمها بالتبذير متجاهلين الأثر الإيجابي النفسي الذي تتركه هذه العادة في الأصدقاء والجيران وتوطيدها للعلاقات الاجتماعية.
اقرأ ايضا موعد حلول شهر رمضان المبارك
ومتجاهلين أو جاهلين أنها عادة اجتماعية بحتة وليست طقس ديني ولا تعبدي بالأساس...
ولكن بغض النظر عن كل هذا فهي عادة مستمرة وراسخة ولا أظن أنها ستنتهي مع مرور الوقت والتقادم, بل صارت تقلد في أماكن كثيرة حول العالم. ونجد اليمنيات يقمنها في دول المهجر في أمريكا وكندا وروسيا ومصر والمملكة العربية السعودية.
شاهد فيديو إهداء من فريق عمل أنامل عربية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
👍👍👍👍👍
ردحذف