مسلسل تحت الوصاية صرخة امرأة في وجه المجتمع - أنامل عربية



مسلسل تحت الوصاية
مسلسل تحت الوصاية


مسلسل تحت الوصاية صرخة امرأة في وجه المجتمع

يُعد مسلسل تحت الوصاية من أبرز الأعمال الدرامية التي أثارت الجدل عند عرضه، ليس فقط بسبب قوة الأداء والطرح الفني، بل لأنه لامس قضية اجتماعية حساسة تمس حياة آلاف النساء في العالم العربي. 

المسلسل من بطولة منى زكي، التي جسدت شخصية الأم المقهورة بقوة وصدق، وأعطت للعمل عمقاً إنسانياً خاصاً.

مسلسل تحت الوصاية - نبذة عن القصة

تدور أحداث المسلسل حول حنان، امرأة شابة تفقد زوجها فجأة، فتجد نفسها أمام معركة قاسية مع المجتمع والقوانين التي تضعها "تحت الوصاية". بعد وفاة الزوج، تصطدم حنان بواقع جديد حيث لا يُسمح لها بالتصرف في أموالها أو إدارة شؤون أبنائها إلا بإذن "الوصي" الذي تعيّنه المحكمة. 

ومن هنا تبدأ رحلة مليئة بالصراعات، بين محاولتها حماية أبنائها من الفقر والضياع، وبين سطوة القوانين والعادات التي تُقيدها.

حنان، التي لا تملك سوى قارب صيد تركه لها زوجها، تقرر خوض غمار البحر بنفسها لكسب الرزق. هذه المغامرة لم تكن مجرد وسيلة للبقاء، بل تحولت إلى رمز لتحررها وإصرارها على انتزاع حقها في أن تكون "وصية على نفسها وأطفالها"، بعيداً عن هيمنة الآخرين.

اقرأ ايضا مقال زياد الرحباني العبقري الثائر وصوته الصاخب في قلب لبنان

الشخصيات الرئيسية في مسلسل تحت الوصاية

حنان (منى زكي):

 البطلة المحورية، امرأة قوية رغم جراحها، تكسر الصورة النمطية للأرملة المستسلمة. تمثل رمزاً لصراع المرأة مع المجتمع الذكوري والقوانين الجائرة. شخصيتها تتطور من الخوف والاضطراب إلى القوة والتمرد.
أبناء حنان:

يظهران كدافع الأساسي للاستمرار. علاقتهما بالأم مليئة بالبراءة والخوف في آن واحد، و يجسدان الجانب الإنساني الذي يجعل المتلقي يتعاطف مع الأم.
أهل الزوج والمجتمع المحيط:

يجسدون فكرة الوصاية الاجتماعية والسلطة الأبوية. يمثلون القوى التقليدية التي تسعى لسلب حقوق المرأة بذريعة الحماية.
رجال البحر والصيادون:

بعضهم وقف إلى جانب حنان ودعمها في مواجهة قسوة الحياة، والبعض الآخر استغل ضعفها. هذه الشخصيات تعكس تنوع المجتمع بين من يتفهم وضع المرأة ومن يستغل هشاشتها.

مسلسل تحت الوصاية للكاتبة زهرة حبيب
منى زكي

الجد والعم.. جسور لفهم رسالة تحت الوصاية

لم يكن وجود شخصيتي الجد والعم مجرد تفاصيل عائلية، بل كانا ركيزتين أساسيتين لتوضيح المأساة التي تعيشها الأم الأرملة وأطفالها.

الجد (الفنان رشدي الشامي)
جسّد صورة القانون الجامد الذي يمنح الولاية للأجداد بحكم النصوص، دون أن يضع في الاعتبار مشاعر الأطفال أو قرب الأم منهم. دوره أبرز كيف أن القوانين قد تُسلب إنسانيتها حين تتجاهل الواقع الأسري.
عبر شخصية الجد، أراد صناع العمل أن يقولوا، الحق القانوني لا يعني دائماً الحق الإنساني.

العم (الفنان دياب)
مثّل الوجه الاجتماعي للقضية، حيث يسعى للاستحواذ على أموال أبناء أخيه، مُتذرعاً بأنه الأجدر بحمايتهم. دوره كشف الجانب النفعي والجشع الذي قد يمارسه بعض الأقارب باسم "الوصاية"، بينما الأطفال وأمهم هم الأحق بالحماية.
شخصية العم كانت جسراً لعرض التناقض بين نية القانون (الحماية) والواقع (الاستغلال).

مسلسل تحت الوصاية - ارتباط الشخصيات بالرسالة

بفضل هاتين الشخصيتين، أصبح الصراع الذي تخوضه حنان (منى زكي) أكثر وضوحاً، فهي ليست فقط ضد البحر ومخاوفها اليومية من إعالة أطفالها.

وليست فقط ضد فقر وضيق الحال. بل ضد قانون يمنح الجد والعم سلطة كاملة على أبنائها بينما تُجرد هي من هذا الحق رغم كونها الأقرب والأقدر على رعايتهم.

الجد والعم، رغم اختلاف نوايا كل منهما، شكّلا معاً صورة مزدوجة للسلطة القانونية والاجتماعية التي تحاصر الأم والأطفال. ومن خلالهما وصل صوت المسلسل ليطرح سؤالًا وجودياً، من يحمي القاصر حقاً، القانون أم الأم؟

مسلسل تحت الوصاية - أنامل عربية
من الاحق بالوصاية؟

الجد والعم... بين الحماية والسيطرة

في المسلسل، لم تكن مأساة حنان نابعة فقط من وفاة زوجها، بل من القوانين التي تجعل الولاية على مال الأبناء تنتقل مباشرة إلى الجد أو العم (من جهة الأب) بدلاً من الأم، حتى لو كانت هي الأجدر والأقرب إلى الأطفال. وهنا برز دور الجد والعم كممثلين لهذه السلطة.

الجد يمثل القانون التقليدي الذي يضعه وصياً شرعياً على الأطفال بعد وفاة الأب. في عيون القانون، الجد هو "الأولى" بالولاية المالية، حتى وإن لم يعش مع الأطفال أو لم يكن على دراية بشؤون حياتهم.

وغالباً ما يتدخل بقرارات مصيرية تخص مستقبل الأحفاد، مثل التعليم، الإنفاق من أموالهم، أو حتى بيع ممتلكاتهم، دون الرجوع للأم. هذا الدور جعل الصدام مع حنان محتماً، إذ تحاول حماية أبنائها من سلطة قد تُمارس باسم "المصلحة".

اقرأ ايضا مقال أصل المنمنمات العربية فن الترف والدقة في صفحات التاريخ

العم وجه آخر للسلطة الأبوية:
شخصية العم تمثل الصراع الاجتماعي أكثر من القانوني. فهو لا يملك فقط حق الوصاية في بعض الحالات، بل يسعى للسيطرة على أموال أبناء أخيه باعتبارها "من حق العائلة".

يظهر العم أحياناً كخصم مباشر للأم، لا بدافع الحب للأطفال، بل بدافع المصلحة أو الجشع. وهذا ما يضاعف مأساة الصغار، إذ يجدون أنفسهم بين أم تُحرم قانونياً من الوصاية، وأقارب يسعون لاستغلال وضعهم.

هذه الشخصيات أظهرت أن مأساة القاصرين لا تتوقف عند فقدان الأب، بل تتضاعف بفقدان الاستقرار نتيجة صراع "الوصاية" بين الأم والقانون والعائلة.

مسلسل تحت الوصاية ٢٠٢٥
 الام وعائلة الاب

مسلسل تحت الوصاية - كيف انتهت الأحداث؟

نهاية تحت الوصاية كانت مؤثرة وتركَت أثراً قوياً عند الجمهور، لأنها لم تكتفِ بإغلاق القصة، بل أرادت أن تترك  رسالة إنسانية وتشريعية واضحة.

حيث ينجح المسلسل في إيصال رسالة أن حنان هي الأحق بولديها، ليس فقط بحكم العاطفة، بل بحكم الكفاءة والقدرة على الحماية. النهاية حملت نغمة أمل، حين ظهرت شخصية البطلة أقوى، متمسكة بحقها في رعاية أبنائها، كأنها تقول:
"الأم لا تحتاج لوصي، هي الوصي الحقيقي."

النهاية لم تأتِ بانتصار مطلق أو حلّ قانوني جاهز، بل تركت المشاهد أمام واقع مفتوح للتغيير. وبهذا، أراد صناع تحت الوصاية أن تكون الخاتمة بمثابة صرخة وعي، أكثر من كونها مجرد مشهد درامي تقليدي.

التحليل الدرامي

المسلسل لا يكتفي بعرض معاناة امرأة واحدة، بل يفتح ملفاً واسعاً عن الوصاية القانونية والاجتماعية على النساء.  القصة تكشف التناقض بين خطاب المجتمع عن حماية المرأة، وبين الواقع الذي يحرمها من أبسط حقوقها.

الإخراج ركّز على الواقعية، من خلال مشاهد البحر، والبيت البسيط، ولغة الجسد التي جسدت بها منى زكي الانكسار الداخلي والخوف. أما السيناريو فجاء متوازناً بين الجانب العاطفي (الأمومة) والجانب الاجتماعي (القوانين والوصاية).

رسالة مسلسل تحت الوصاية

رسالة المسلسل واضحة، المرأة ليست قاصراً، وليست بحاجة إلى وصي، بل قادرة على إدارة حياتها وحياة أبنائها إن أُعطيت الحرية والثقة. تحت الوصاية هو صرخة ضد القوانين البالية التي ما زالت تضع النساء في خانة "الناقصات"، ويطالب بإعادة النظر في التشريعات التي تحكم حياة الأرامل والأمهات.

ردود فعل الجمهور والنقاد

أثار مسلسل تحت الوصاية ضجة واسعة منذ عرضه الأول في رمضان، إذ انقسمت الآراء بين مؤيد بشدة لجرأة الطرح، وبين منتقد يرى أن المسلسل يبالغ في تصوير الواقع.

شريحة كبيرة من المشاهدين تعاطفت مع شخصية حنان، خصوصاً النساء اللواتي مررن بتجارب مشابهة. كثيرون اعتبروا العمل بمثابة صوت لهن، يطالب بإلغاء الوصاية الجائرة التي تُفرض عليهن. 

على مواقع التواصل الاجتماعي، تحولت مشاهد حنان في البحر أو مواقفها مع المحكمة إلى ايقونات رمزية لصمود المرأة.

كما أن النقاد أشادوا بأداء منى زكي واعتبروا الدور من أهم محطاتها الفنية، حيث جمعت بين البساطة والعمق. كما أثنوا على معالجة النص، الذي طرح قضية شائكة بلغة درامية بعيدة عن المبالغة. 

ومع ذلك، أشار بعض النقاد إلى أن النهاية جاءت تقليدية بعض الشيء، وكان بالإمكان أن تكون أكثر ثورية في تقديم الحلول.

مسلسل تحت الوصاية - النقاد
الأم وابنتها

الأثر المجتمعي

لم يقتصر تأثير المسلسل على الجانب الفني فقط، بل أثار نقاشاً واسعاً في المجتمع والإعلام حول قوانين الأحوال الشخصية وحقوق الأرامل. بعض المنظمات الحقوقية استغلت الزخم الذي صنعه المسلسل لتجديد مطالبها بتعديل القوانين التي تضع المرأة "تحت الوصاية".

 إلى أي مدى وصل تأثير مسلسل تحت الوصاية؟

يمكن القول إن المسلسل نجح في إثارة النقاش العام وربما تحريك دوافع تشريعية، إذ أن أموراً كانت مهملة أو غير مطروحة بجرأة  مثل حق الأم في الوصاية على أولادها بعد وفاة الزوج ، أصبحت موضوعاً للتصريحات العامة، والمناقشات البرلمانية، ومقترحات تعديل القانون.

رأيك يهمنا

أحدث أقدم